الأحد، 15 نوفمبر 2009

هل طرقت الباب ؟



إسلام تايم – 14/11/2009


د. محمد العريفي*


قال د. عبد الله : دعيت لمؤتمر طبي بأمريكا فخطر لي أن أحضره بملابسي العادية ثوب وغترة... وصلت إلى هنالك.. دخلت الصالة فرأيت طبيبا عربيا فجلست بجانبه.. فقال : بدل هذه الملابس ( لا تفشلنا أمام الأجانب) ... فسكت... بدأ المؤتمر .. مضت ساعتان... دخلت صلاة الظهر فاستأذنت وقمت وصليت.. كان منظري ملفتا للنظر ثم دخلت صلاة العصر فقمت أصلي فشعرت بشخص يصلي بجانبي ويبكي فلما انتهيت فإذا صاحبي الذي انتقد لباسي يمسح دموعه ويقول: هذه أول صلاة منذ أربعين سنة!! فدهشت ! فقال: جئت أمريكا منذ أربعين سنة وأحمل الجنسية الأمريكية ولكني لم أركع لله ركعة ولما رأيتك تصلي الظهر تذكرت الإسلام الذي نسيته وقلت: إذا قام هذا الشاب ليصلي ثانية فسأصلي معه... فجزاك الله خيرا ... مضت ثلاث أيام...

والمؤتمر بحوث لأطباء تمنيت أن أحدثهم عن الإسلام لكنهم مشغولون... وفي الحفل الختامي سألوني لماذا لم تلبس ثياب الأطباء ؟ فشكرت اهتمامهم وقلت: هذه ملابسنا ولست في المستشفى .. ثم أردت انتهاز الفرصة لدعوتهم فأشار المدير أن وقتي انتهى .. فخطر لي أن أضع علامة استفهام وأجلس... فقلت: مؤتمر يكلف الملايين لبحث ما بداخل الحسم .. فهذا الجسم لماذا خلق أصلا ؟!!! ثم ابتسمت ونزلت ... فلاحظ المدير دهشتهم فأشار أن أستمر... فتحدثت عن الإسلام وحقيقة الحياة والغاية من الخلق ونهاية الدنيا ... فلما انتهيت قامت أربع طبيبات وأعلن رغبتهن في الدخول في الإسلام ..

صلي قبل أن يصلي عليك

كنت تاركا للصلاة .. كلهم نصحوني... أبي أخوتي.. لا أعبأ بأحد ... رن هاتفي يوما فإذا بشيخ كبير يبكي ويقول: أحمد؟ .. نعم ... أحسن الله عزاءك في خالد وجدناه ميتا على فراشه.. صرخت : خالد؟! كان معي البارحة.. بكى وقال: سنصلي عليه في الجامع الكبير ... أغلقت الهاتف ... وبكيت.. خالد! كيف يموت وهو شاب! أحسست أن الموت يسخر من سؤالي ... دخلت المسجد باكيا... لأول مرة أصلي على ميت... بحثت عن خالد فإذا هو ملفوف بخرقة... أما م الصفوف لا يتحرك ... صرخت لما رأيته ... أخذ الناس يتلفتون ... غطيت وجهي بغتري وخفضت رأسي... حاولت أن أتجلد ... جرني أبي إلى جانبه ... وهمس في أذني : صل قبل أن يصلى عليك!!! فكأنما أطلق نارا لا كلاما... أخذت أنتفض .. وأنظر إلى خالد.. لو قام من الموت ... ترى ماذا سيتمنى! سيجارة! صديقة! سفر! أغنية!! تخيلت نفسي مكانه .. وتذكرت ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون).. انصرفنا للمقبرة.. أنزلناه في بره .. أخذت أفكر: إذا سئل عن عمله ؟ ماذا سيقول: عشرون أغنية! ستون فلما! وآلاف السجائر .. بكيت كثيرا.. لا صلاة تشفع.. ولا عمل ينفع .. لم أستطع أن أتحرك.. انتظرني أبي كثيرا ... فتركت خالد في قبره ومضيت أمشي وهو يسمع قرع نعالي...


كان يظن أن السعادة في تتبع الفتيات.. وفي كل يوم له فريسة.. يكثر السفر للخارج ولم يكن موظفا فكان يسرق ويستلف وينفق في لهوه وطربه.. كان حالي شبيها لحاله لكني – والله يشهد- أقل منه فجورا.. هاتفني يوما وطلب إيصاله للمطار... ركب سيارتي وكان مبتهجا يلوح بتذاكره .. تعجبت من ملابسه وقصة شعرة فسألته: إلى أين؟ قال:.. قلت : أعوذ بالله!!! قال: لو جربتها ما صبرت عنها... قلت : تسافر وحدك! قال: نعم لأفعل ما أشاء.. قلت : والمصاريف؟ قال: دبرتها ... سكتنا... كان بالمسجل شريط عن التوبة فشغلته... فصاح بي لإطفائه فقلت: انتهت (سوالفنا) خلنا نسمع ثم سافر وافعل ما شئت .. فسكت ... تحدث الشيخ عن التوبة وقصص التائبين ... فهدأ صاحبي وبدأ يردد: أستغفر الله.. ثم زادت الموعظة فبكي ومزق تذاكره وقال: أرجعني للبيت... وصلنا بيته بتأثر شديد ... نزل قائلا: السلام عليكم... بعدما كان يقول BAAAY .. ثم سافر لمكة وعاد بعدها وهو من الصالحين لم أره إلا مصليا أو ذاكرا وينصحني دائما بالتوبة والاستقامة... مرض أخوه بمدينة أخرى فسافر إليه .. وبعد أيام كانت المفاجأة! اتصل بي أخوه وقال: أحسن الله عزاءك في فلان ... صلى المغرب ثم اتكأ على سارية في المسجد يذكر الله.. فلما جئنا لصلاة العشاء وجدناه ميتا...


وأخيراً .. هل طرقت الباب !!


نحن في زمن كثرت فيه فتن الأبصار والأسماع والفاحشة والمال الحرام .. حتى كأننا في الزمان الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : (( فإن وراءكم أيام الصبر ، الصبر فيهن كقبض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين منكم )) ..

فيعظم أجر للمؤمن آخر الزمان لأنه غريب بين العصاة يأكلون الربا ولا يأكل ويسمعون الغناء ولا يسمع وينظرون إلى المحرّمات ولا ينظر ويشربون الخمر ولا يشرب ..

وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء )) ..

وقال : (( لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( يقول الله : " وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمَنين إذا أمِنَني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا خافني في الدنيا أمّنته يوم القيامة " )) فمن كان خائفاً في الدنيا معظّماً لجلال الله أمِنَ يوم القيامة وفرح بلقاء الله .. أما من عصى وهمّه شهوة بطنه وفرجه فهو في خوف وفزع في الآخرة .. فتوكل على الله وتوكلي .. قبل أن يغلق الباب ويحضر الحساب .. ولا تغتر بكثرة المتساقطين .. ولا ندرة الثابتين .. فإنك على الحق المبين ..


----------------------------------------------
*المصدر: من كتاب "هل طرقت الباب" للداعية الدكتور محمد العريفي


-->

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق